كثيرون لم يعجبهم مقالي السابق الذي تحدثت فيه عن مسألة المرتبات واستغلال قضية المرتب بشكل أو بآخر من قبل بعض المزوبعين وكذا انجرار البعض الآخر وراءهم من المغفلين وقليلي الوعي،
المقال الذي تم نشره يوم أمس الأول بتاريخ 2022-1-5م، تحت عنوان *(أنا وطني إذا شبعت بطني)*،
بسبب سوء فهمهم للمغزى والمقصد…
تعليقات وردود متباينة من هنا وهناك، والبعض صار يغرّد ويرعدد بتغريدات ومنشورات ساخرة ..
ووووإلخ.
طبعاً، لا ينبغي أن نتضايق من بعض ردود الأفعال مهما كانت، بالعكس، فهذا كان متوقع، وعلينا أن نتفهم ردة كل فعل، سواء كانت بالتصريح أو بالتلميح …فالكل معذور عندي، ولنحمل بعضنا على السلامة وحسن الظن وذلك لاعتبارات منها :
– أن الناس فعلاً متضايقين من سوء الحال وضيق المعيشة نتيجة ما تسبب به العدوان من دمار وحصار .
وبالتالي فلا عتب على أحد .
– كذلك نتيجة الثقافات المغلوطة والمفاهيم الخاطئة التي تربى عليها المجتمع الموظف وغير الموظف لعقود طويلة من زمن الجمهورية اليمنية وهي (ثقافة المرتب)، وبالتالي فـردة الفعل المغايرة هي واحدة من النتائج السلبية والكوارث الفكرية لتلك الثقافات الضيقة الدنيوية.
وهذا أهم شيء يجب الإلتفات له ومعالجته .
القليلون فقط هم الذين فهموا مقالي واستحسنوه .
وهنا، لزم التعقيب والتوضيح للصنف الأول، بشكل أكثر بساطة وشفافية:
مقالي أصلاً هو موجه للكبار داخل السلطة، سواء الذين ينخرون في مؤسسات الدولة تحت يافطة الوطنية، أو المخلصين المهتمين فعلاً بتحسين الأداء في مؤسسات الدولة…
والهدف منه معرفة بعض أساليب الماكرين .
وليس كلامي عن المرتب نفسه .
لو كان على المرتب، فأكثر الشعب موظفين وكان معهم مرتبات،
وربما كلّنا موظفين وكان معنا مرتبات .
كما أن مقالي هذا
لا يعني أن يبقى الناس بدون مرتبات
أو أن تلغى المرتبات…لا لا
وإنما هو فضح وتعرية للسوس وأعمال السوس داخل مؤسسات الدولة، والمتشدقين والمتنطعين والمتربصين والانتهازيين والمدسوسين.
وفيه أيضاً نوع من التوعية لتصحيح التوجه والمسار وتصحيح المفاهيم الخاطئة لمقاصد التوظيف وأهدافه، أن لايكون فقط كل هدفنا من التوظيف واستلام الوظائف هو الحصول على المعاش (الراتب الشهري والامتيازات المالية)، بل يكون الهدف أسمى من هذا، خدمة الوطن والمواطن، الدفاع عن الوطن والمواطن، المشاركة الفاعلة في بناء الوطن، ووضع بصمة واضحة لكل موظف، كلا من حيث موقعه…
ومن مركز نفوذك تستطيع ترجمة وطنيتك عملياً في ميدان العمل، وتترجم أيضاً حبك ونزاهتك وشرفك من خلال عملك في وظيفتك بكل صدق وإخلاص وتفان.
أما حكاية المرتب فهذا شيء مفروغ منه، الراتب ضروري وسيأتيك سيأتيك في كل الأحوال، بهذا الوجه أو الآخر، سيأتيك الراتب وهو حق مستحق لك، وليس فضلاً أو منّةً من أحد.
عندك مثلا : الذي يلتحق بالمسيرة القرآنية ويلتحق مثلا بصفوف المجاهدين في الجبهات وهدفه ونيته فقط الحصول على بندق آلي أو طقم عسكري أو ماشابه هذه المظاهر والزخارف الدنيوية..نقول له هذا غلط , وإنما عليك أخي الكريم إذا التحقت بالمسيرة والمجاهدين أن تكون نيتك أزكى وهدفك أسمى , لكي تحصل على خير الدنيا والآخرة , فليكن هدفك ونيتك رضى الله وطاعته والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله والدفاع عن عباد الله المستصعفين بمقارعة أعداء الله والمستكبرين …وتحصل على الفوز بالجنة والنعيم الدائم والنجاة من النار في حال استشهدت , بهذا أنت محسوب على الله . ومؤكد في الدنيا سوف تحصل على البندق والطقم وربما أكثر من ذلك .
وأكتفي بهذا ضرب مثل فقط .
فالمقصد الأسمى من مقالي هنا لأخي الموظف وطلاب المرتب , هو أن نغرس في مفهومنا للوظيفة العامة ثقافة البناء والتنمية والذود عن حياض هذا الوطن الغالي (يد تحمي ويد تبني) واستيعاب هذا المصطلح الهام ومفهومه الواسع والراقي جداً ، وليس ثقافة المرتب .
وقد راق لي تعليق الدكتورة الفاضلة / نجيبة مطهر، إذ قالت :
(كلامك منطقي، لكن لماذا لا تتطهر المسيرة القرآنية من هؤلاء الفاسدين؟ لماذا الفاسد ينهب باسم المسيرة ويسرق المال العام ولا أحد يحاسبه؟؟)
وهذا فعلاً هو الذي ينبغي التحرك تجاهه،
وهذا هو عين العقل، وهو الذي يحث ويؤكد عليه باستمرار في خطاباته قائد الثورة السيد العَلَم / عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- (وجوب مراجعة النظر في سير أعمال المؤسسات الحكومية والأداء الحكومي ، وتطهير مؤسسات الدولة من براثن الفساد والفاسدين) .
ولعل الفاسدين في الداخل يفسدون في الأرض بفسادهم أكثر مما يفسده علينا تحالف العدوان السعوصهيوأمريكي…
وليس ببعيد أن يكون منهم خلايا للعدوان وكلاً منهم يؤدي دوره :
– هذا يفسد في المكتب
– وهذا يذيع ويشهر ويستنكر ويندد ويتباكي ويحرض، سواء في الشارع والباصات والمجالس والتجمعات، أو في السوشيال (الفيسبوك والواتسب) .
وهكذا، يقعدون لكم كل مرصد،
في إطار مشروع واحد وخطة تنفيذية واحدة معينة، وهدفها واحد، هو ضرب الجبهة من الخلف بيد ناعمة، وإسقاط الدولة في صنعاء من الداخل .
لا سمح الله …
وأقَلّها زوبعة وتشويه وتنفير، إن لم تسقط تضعف الجبهات والأداء الحكومي والمؤسسي…
“إن سَبَرت ‘مرة وحمار’، وإن ما سبرت فـ’داوية وهدار” .
وخذوها مني قاعدة : خدمة المعاش وثقافة المعاش (المرتب) أقرب ما يكون صاحبها لخيانة الأوطان وخدمة العدوان.
لأن ثقافته وهمته وحركته كلها فقط محصورة على المعاش، يدور حول المرتب ولاشيء غير المرتب.!
(فـأعرض عمّن تولّى ذكرنا ولم يُرِد إلا الحياةَ الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) . صدق الله العظيم
Discussion about this post