نتيجةً لِتَدنِّي الوعي والمستوى الثقافي لدى البعض من عآمَة الناس ,كَتَبْت وبإختصار شديد, ما ذا تعني أول جُمعة من شهر رجب عند اليمنيين..
أحبَّتي الأكارم من المعلوم على مَدى التاريخ البشري أنَّ لكل أُمَّةٍ في هذه الأرض هوية, تنتمي وتنتسب إليها, بل وتتميَّز بها, إذ لا توجد أُمَّة ولا مُجتمع بدون هوية.. إمَّا أن تكون هوية صحيحة,أو خاطئة, أو هوية مُختلَطة أَيْ مُمتزجة أحياناً بالخُرافات, وهو ما نراه في بعض الشعوب, أو بعض الكيانات التي يُوجد فيها قسم كبير من عقائدها ومَفاهيمها وعاداتها وأعرافها يَعتمد على الخرافات, بل ونراها وبكُل فخر مُتَشبِّثة ومُقتَنِعه بها ,وعلى ذلك النَّمَط من الحياة التي يَستند إليها ذلك الشعب أو الكيان ويَعتمد عليها, وكذلك أيضاً نراه مُجتمع مُترابط تجمعه تلك المَنظومة من العقائد والتقاليد والأعراف والسلوكيات, رغم كونها باطلةٌ ومُخالِفة للتوجيهات الإلهية وما جاء به رُّسُلِ اللَّه وأنبيائه صلوات اللَّه عليهم.١٤١.
ونحن أُمَّة عقيدتُنا صحيحةٌ, نؤمن باللَّه رباً وبمحمد بن عبد اللَّه نبياً ورسولا ,بل نحنُ خير أُمَّة أُخرِجَت للناس (كُنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتُؤمنون بالله) جائنا رسولٌ مِن أنفُسِنا يُعِزُّ عليه مَشقة المؤمنين ولِقائهم المَكروه, بل هو حريص بأن نَهتَدي ونَحصل على الخير, قال تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) عَلَّمنا الكتاب والحكمة ,وعَمِلَ على تزكيتنا, وَحَرِص أيضاً على وُحدَتِنا, بقوله (صلى اللَّه عليه وآله) الْمُؤمِنُ لِلْمُؤمِن كَالْبُنْيَان يَشدُّ بَعْضُهُ بَعْضا) وقال أيضاً: إن مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كَمَثَل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجَسَد بالحمى والسهر) بَعَثَهُ الله استجابتاً لِدعوة أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام (ربنا وابعَث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويُعلمهم الكتاب والحكمة ويُزكيهم, إنك أنت العزيز الحكيم) وأرسله رحمةً للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين) .
رغم هذا كُله إلَّا أنَّ الواقع الحالي يُدَلِّل لنا إبتعاد الأمَّة شيئاً فشيئاً عن هوِّيتها الإسلامية ولم تُحافظ عليها كأُمَّة كَرَّمَها اللَّه بتلك الهوية, بل نراها يَغلِب عليها الجهل والضَّلال وكأنَّها لم تَعُد تَفقه من تعاليم دينها شيئ, بسبب انجرار الكثير وراء الدُّنيا وتَسويل الشيطان وإغراءاته, وتَخديش الأفكار بثقافة الإستدراج المادية التكفيرية التي انتهجتها الحركة الوهابية ومَوَّلها النظام السعودي العميل, مع أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) حَذَّرنا بقوله: الدنيا حلوةٌ خَضِرَة وإن أخْوَف ما أخاف عليكم المال والنِّساء فاتَّقوا المال واتَّقوا النِّساء) هكذا كَما قُلت الكَثير أحَبُّو الدنيا وأهملوا فَريضة الجهاد في سبيل اللَّه, والتي هيَ أهم فريضةٍ أفترَضَها اللَّه علينا, بل هيَ ذَروة سنام الدين ,يقول الله (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون, وجاهدوا في الله حق جهاده ,هو اجتباكم) أي أن الجهاد مَقرون بكل العبادات ,بل إنَّ اللَّه لا يَقبل أي طاعةٍ ما لم تَكُنْ مُتَوَّجَةٌ بطاعة الجهاد ,وإنّ عدم القيام به يَفسَح المَجال لِمن يَسعون في الأرض فسادا, بل لقد أفسدوا كل شيئ إلى درجة أن أوجدوا جيل من بيننا لا يَعرف مَعروفاً ولا يُنكِر مُنكراً, وبمَكرهم وخُطورة أفعالهم أستطاعوا حتى أن ينتقوا من ذلك الجيل بل وتَبَنَّو وُصولهم إلى سَدَّتَ الحكم كأمثال محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ليَجعلوا مِنهم دُّمَى يُحرِّكونها في أي إتجاه لتنفيذ مُخططاتهم وتحقيق أطماعهم, بل وتَمويل مَشاريعهم الإفسادية والتدميرية من مال بيت مال المسلمين.
تنبأ الشهيد القائد (رضوان اللَّه عليه) قبل(18) سنه, قائلاً: وفي الأخير سَيَضربون يمَنياً في يمني, وسعودياً في سعودي, ومَصرياً في مصري, وهكذا مُخططاتهم رهيبة وأصبحت الأشياء كلها تتهيأ لهم بشكل رهيب لِأن النُّفوس فَسُدَت, فسد زعماء وشعوب حقيقة) نعم صَدَق (رضوان اللَّه عليه) فقد تبَنَّو ذلك الجيل وجَعَلوا منه أدآةُ وُقود لمخططاتهم الرهيبة ومَعول هدم لكل شيء جميل في بلاد العرب والمسلمين, يَعملون على هَتك أعراض وتشريد وقتل أهلهم وأبناء عشيرتهم, وأيضاً تَبَنَّو (كما تنبأ بالتَّفصيل في مَلزمة المُوالاة والمُعاداة) بعد تخديش أفكار ذلك الجيل إعلامياً وتربوياً وثقافياً وإجتماعياً ,بل قال إنَّهم سيَستهدفون بوَبائهم حتى تلك القرى المُحصَّنة بتعاليم وتربية الإسلام ,وحتى تلك البيوت المُؤمنة ,بل وعلى مُستوى الراس (الفرد) وهاهم استفرخُوا من أُولئك السُّذَّج الذي سُرعان ما انبطحوا وتِغربلوا فِرَق للحرب النَّاعمه, وأخيراً فِرَق لِترويج أخطر حروب القرن الــ٢١ (رياح السلام) وهذا مايَنطبق اليوم على أولئك الذين فَقِدوا هَوِّيَتهم الإيمانية من العملاء والمُرتزقة والمُنافقين الذي كُنا نجهل وُجودهم في صفوفنا من أبناء عَشيرَتنا, نعم وللأسف الشديد من أبناء يَمن الإيمان والحكمة.١٤١.
ورغم كل ذلك المَكر والتضليل فنحنُ اليَمانيون ومَهما انسلَخَ مِنَّا ذلك العدد الهائل من العملاء والمُرتزقة والمنافقين ,مَنْ نَتمتع, نعم نحن مَن نتَمتع بهوِّيَة الإيمان, بل ونتمَيَّز بها عن غيرنا من الأمم بل ومن الشعوب, بفضلٍ من اللَّه القائل (يا أيها الذين آمنوا مَن يَرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يُحبهم ويُحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يُجاهدون في سبيل الله ولا يَخافون لومة لائم ,ذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء ,والله واسعٌ عليم) وبشهادة رسول الله (صلى اللَّه عليه وآله) يوم نَزلت عليه سورة إذا جاء نصر اللَّه والفتح, وحين رأى بأمَّ عينيه تَوافُد اليمانيون أفواجاً لِنُصرته ورَفعِ رآية دين اللَّه عالياً.
قال بن عباس: بينما النبي صلى الله عليه وآله فى المدينة إذ قام مُنادياً الله أكبر الله أكبر جاء نصرُ الله والفتح وجاء أهل اليمن, فقال قائل وما أهل اليمن ,قال (صلى الله عليه وآله) هُم قومٌ رقيقةً قلوبهم ليِّنةً طِباعهم الإيمان يَمان والفقه يَمان والحكمةُ يَمانية).
والرسول (صلى اللَّه عليه وآله) كما يَعلم الجميع لايَنطق عن الهوى, لقول الله سبحانه (وما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحيٌ يُوحى).
إذاً إسمعوا لِماذا نحنُ اليَمانيون نَحتفل بأول جمعةٍ من رجب, ولماذا نُحبُ الله ونُحب رسوله ونُحبُ أهل بيت رسوله ويُحبَّنا اللَّه ويُحِبنا رسوله, ويُحبنا أهل بيت رسوله.
من خلال البحث في كتاب اللَّه وأحاديث رسول الله ,وأقوال الإمام علي عليه السلام ,ومدى إرتباط أهل بيت رسول الله باليمن وأهل اليمن ,والتاريخ .
أولاً: إنفِرادنا بحب اللَّه دون غيرنا حتى مِمَّن يَدَّعون الإيمان, بل إنّ اللَّه حافَظ على فِطرتنا السَوِّية السليمة مِنذُ عهد نبيُ اللَّه نوح عليه السلام, وسلامة قول الملكة بلقيس (قالت يا أيها الملأ إنِّي ألقيَ إليَّ كتاب كريم, إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم, ألَّا تعلوا عليَّ وأْتُونِي مُسلمين, قالت يا أيها الملأُ أفتوني في أمري ما كُنتُ قاطعةً أمراً حتى تشهدون) وكلام قومُها (قالوا نحن أولو قوةٍ وأولو بأسٍ شديد والأمرُ إليكِ فانظري ماذا تأمرين) وسلامة التَّصَرُّف في ردِّها على كِتاب نبيُ اللَّه سليمان عليه السلام, وسلامة مَنطقها عند ما كشفت عن ساقيها وقِيل لها إنه صَرحٌ مُمَرَّد (قالت رَبِّ إنِّي ظلمتُ نفسي وأسلمتُ مع سليمان للَّه ربِّ العالمين) وانفِراد ادِّخارِ اللَّه لنا لمُحاربة أعدائه, قال سبحانه (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لَتُفسِدُنَّ في الأرض مرَّتين ولَتعلُنَّ علوًا كبيرا, فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لَّنا أولي بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلال الدِّيار ,وكان وعدًا مَّفعولا).١٤١.
ثانياً: تمَيُّزنا بالخيرية عن غيرنا بل وخصَّنا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: يَطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خِيار مَنْ في الأرض) بل قال (صلى الله عليه وآله) خِيار الرِّجال رجال أهل اليمن, وزد قال: الإيمان يَمان, وأنا يَمان).
نعم قال الله تعالى (ذلك فضل الله يُؤتيه من يشاء ,والله واسع عليم) بل عندما أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليَدعو أهل اليمن إلى الإسلام, أرسل أحَد الخمسة أهل الكِسا مِمَن باهَلَ بهم يوم كذَّبُوه نصارى نجران وقال (صلى الله عليه وآله) حينها اللَّهم هؤلاء أهل بيتي) بل إنّ الإمام “على“ مِنَ النبي كَنَفسِه وهذه كرامَةً ما بعدها كرامة لِأهل اليمن أن يُرسل الإمام “على“ عليه السلام إلى اليمن ليَدعوهم إلى الإسلام وكان وُصُولَه عليه السلام إليهم في أوَّل جُمعةٍ من رجب, ولِأن فِطرة اليمنيين سَوِّيّةً وسليمة استجابوا ودخلوا في دين اللَّه أفواجاً, بل عند قِراءة رسول الله (صلى الله عليه وآله) جواب الإمام “على“ عليه السلام بإسلامهم خَرَّ ساجداً, شُكراً لِلَّه على نِعمَةِ إسلام أهل اليمن ,ثُم رفع رأسه قائلاً: السلام على همدان, السلام على همدان).
أحِبَتي الأكارم إنما سِر إحتفالنا نحنُ اليمانيون بأول جمعة من رجب إنَّما هو إحتفالٌ بهويتنا.١٤١.
ذكرى عظيمة ترسَّخَت في عقل كل يَماني صاحِب فِطرَةٍ سَوِّيَّة, للإحتفال بهويتنا الإيمانية كُل عام ,بل واتَّخَذوا منها عِيدا.
نعم نحتفل بتلك الكرامة وبذلك الفضل, تاركين الرَّد على مَنْ يَنتقِدوا فَرحَتِنا بهذا اليوم لقوله تعالى (أم يَحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله, فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم مُلكا عظيما).
لِهذا نطمعُ في حُبِّ الله وحُبَّ رسوله وآل بيت رسوله.
ومن إهتمامه وحبه لليمن وأهل اليمن خاطبَ (صلى الله عليه وآله) مُعاذ بن جبل عندما بعثه قائلاً: بَعثتُكَ إلى اليمن هم قوم رقيقةً قلوبهم لينة طباعهم, يُقاتلون على الحق مرَّتين, الإيمان يمان, والفقه يمان, والحكمة يمانية) ونَبَّهَهُ قائلاً: يُريد أقوامٌ أن يَضَعوهُم ويأبَى اللَّه إلاَّ أن يَرفَعهم).
ولِرِفْعَة ومَكانةِ أهل اليمن عند اللَّه وعند رسوله (صلى الله عليه وآله) ولِمَا ادَّخرَهُمُ اللَّه وما يُسَطِّرونه اليوم من ملاحم بُطُولية وإنتِصاراتٍ خارِقَةٍ للعادة بِفَضلٍ وتمكينٍ من اللَّه, تَمَنَّى عمر بن عبد العزيز عند قِرائته قول اللَّه تعالى (فسوف يأتي الله بقوم يُحبهم ويُحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يُجاهدون في سبيل الله ولا يَخافون لومة لائم ,ذلك فضل الله يؤتيه مَن يشاء ,والله واسع عليم) قائلاً: ياليتني كُنْتُ مَعَهُم) ١٤١.
نعم لقد خرجنا لمُواجهة وصَد هذا العدوان الكوني وكُلنا فَخر وعِزَّة مُتَسَلَّحين بتلك الهوِّيّة التي وهَبَنا اللَّه إيَّاها,مُستَعِينين بِه قَوِّياً قادرا, ومُتَوَكِّلين عليه كافياً, عزيزاً, ناصراً, نعلم أنّهُ (يَنْصُرُ مَن يَشاء, وهو العزيزُ الرَّحيم).
صلوا وسلموا على مَن أُمِرتم بالصلاة والسلام عليه وآله.
ابو امير141الصرابي ٢رجب ١٤٤٠ﻫ .
Discussion about this post