تأملات في سورة ابراهيم عليه السلام، لسماحة الشيخ عبدالله الصالح
بسم الله الرحمن الرحيم
على خطى إبراهيم والأنبياء عليهم السلام في مسيرة التوحيد
تأملات في سورة النبي إبراهيم عليه السلام..
سيكون موضوع بحثنا هذا العام في شهر رمضان تدبر في سورة إبراهيم عليه السلام، وهناك مدخل نبدأ به بحثنا هو:
1/ منزلة شهر رمضان عند المعصومين عليهم السلام.
فمنزلة الشهر الكريم عند المعصومين عليهم السلام عظيمة ويكفي أننا نجد ثلاثة من المعصومين لهم مراسيم خاصة وتوجيهات خاصة بمناسبة دخول شهر رمضان، فللنبي صلى الله عليه وآله خطبة في إستقبال شهر رمضان في آخر جمعة من شعبان مروية عن أمير المؤمنين عليه السلام.
ولأمير المؤمنين عليه السلام خطبة خاصة في مسجد الكوفة بأول يوم من شهر رمضان وهي أيضا خطبة بليغة ونافعة وفيها كثير من العبر والدروس المهمة.
ولزين العابدين عليه السلام دعاء خاص بمناسبة دخول شهر رمضان وهو الدعاء رقم ٤٤ من الصحيفة السجادية يتحدث فيه حول شهر رمضان وأعمال شهر رمضان وفضله.
هذا غير أدعية المعصومين عليهم السلام والأعمال التي ذكروها في شهر رمضان، مما يدل على مكانة خاصة وأهمية خاصة لهذا الشهر الكريم في فكر المعصومين عليهم السلام.
2/ عظمة القرآن وفضله..
قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..}.
فالقرآن كتاب نور وهداية، وكتاب حكمة وتعليم وتربية للإنسان، وفي شهر رمضان تزداد أهمية القرآن الكريم بحيث يعتبر شهر رمضان ربيع القرآن، قال الإمام الباقر عليه أفضل السلام: “لكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان”.
والقرآن هو دستور حياتنا فلابد أن نحفظه ونتعهده ونفهمه بشكل جيد، ولابد أن نراجعه كل يوم، وأن يكون موضع اهتمام وتفقد بالنسبة لنا.
والله عز وجل يأمر نبيه بقراءة القرآن وتلاوته يأمرنا كذلك، قال تعالى: {فاقرؤا ما تيسر منه.
وقراءة القرآن تعلم وتربيه واستفادة وثواب، فقراءة كل حرف من القرآن بعشر حسنات، قال ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم، بل الألف حرف واللام حرف، والميم حرف”، فتصور إذا كان عدد حروف القرآن الكريم ٣٢٣,٦٧١ حرفاً، فإذا ضربنا الناتج في عشرة أضعاف فالنتيجة: ٣ مليون و٢٣٦ ألف ٧١٠ حسنة في كل ختمة للقرآن الكريم، فكم سيربح الإنسان عندما يختم القرآن في شهر رمضان، وكم سيخسر عندما يتكاسل عن قراءة القرآن وختمه والإهتمام به؟!!!
والقرآن هو سلم درجات الإنسان في الجنة، وكلما قرأ وحفظ وتدبر كلما ارتفعت درجاته في الجنة.
وفوق هذا وذاك فالقرآن هو منهج النبي صلى الله عليه وآله ومنهج المعصومين عليهم السلام وهو منهج الصالحين والمؤمنين..
3/ شخصية النبي إبراهيم عليه السلام ومميزاتها.
فالنبي ابراهيم هو قدوة التوحيد، وهو من هيء جسمه ليحترق من أجل دين الله ووحدانيته..
وهو أمة وحده، أي يقوم بمسئولياته تجاه شرع الله ولو لم يكن معه مساعد أو معين، ألم يحطم الأصنام وحده؟!!! وواجه الطاغية النمرود وحكومته وحده؟!!!
وهو من سخر كل شيء يملكه أو يستطيع التأثير عليه لله وفي سبيل الله ومن أجل الله عز وجل؛ نفسه، عائلته، وكل شيء!!!
أولم يترك عائلته في صحراء امتثالاً لأمر الله عز وجل؟!!
أالم يسلم لأمر الله عندما رأى في المنام أن الله يأمره بذبح ابنه، وهو ابنه الوحيد الذي يحتاجه في كبره، وفي امس الحاجة إليه اتثالاً لأمر الله كذلك، ولم يتردد لحظة واحدة في تنفيذ الأمر الإلهي لولا أن الله سبحانه وتعالى فداه بذبح عظيم؟!!!
فإبراهيم عليه السلام هو المصبوغ بصبغة الرب، أي ليس فيه أي شيء غير موهوب لله عز وجل، وهو القائل: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}!!!
فإبراهيم قدوة التوحيد، وقدوه الإخلاص، وقدوه التسليم، وقدوه العبودية، وقدوه التذلل والخضوع لله عز وجل.
وإبراهيم وما أدراك مع إبراهيم!!!
إذا ذكر الأنبياء عليهم السلام وذكر معهم نبينا محمد صلى الله عليه وآله يقدم السلام والصلاة على النبي وآله قبلهم إلا إبراهيم فإنه يقدم على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله..
4/ لماذا سورة إبراهيم عليه السلام.
لأنها جواب مهم جداً جداً لسؤال: كيف يمكن السير على خطى النبي إبراهيم عليه السلام والإصطباغ بصبغة الرب عز وجل، فعندما تتجلي حقائق التوحيد في قلب المؤمن يتسامى ذلك المؤمن ويصل للدرجات العالية التي وصل لها الأنبياء العظام.
وهذه السورة تخاطب فطرة البشر وعقولهم لتقول لهم إنكم خلقتم من أجل أن تكونوا مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ولستم مخلوقين لتكونوا حطباً في نار جهنم.
ولسورة إبراهيم ثواب عظيم، منه:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “من قرأ سورة إبراهيم والحجر أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام ومن لم يعبدها”.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “مَنْ قَرَأَ سُورَةَ إِبْرَاهِيمَ وَسُورَةَ اَلْحِجْرِ فِي رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ لَمْ يُصِبْهُ فَقْرٌ أَبَداً وَلاَ جُنُونٌ وَلاَ بَلْوَى”.
انتهى..
Discussion about this post